حقيقة جبهة المخلوع: تعاطف مع الانفصاليين.. تبرير جرائم الحوثيين.. تبرئة المخربين والمجرمين!

 ناصر يحي

 [1]

ليس سرا أن قيادات المؤتمر الشعبي/ جناح الكميم كانت قد تبنت  مخططا إعلاميا على الطريقة المصرية ؛ ومن قبل تنحية رموزها

ناصر يحي

ناصر يحي

الصارخة: مناطقيا وأسريا من الجيش والأمن؛ لاستعادة نفوذها وسلطتها؛ بمبرر أن سقوط الأنظمة في ثورات الربيع العربي كان سببه ضعفها الإعلامي مقابل نجاح العدو في استخدام المتاحات الإعلامية ضدها. وكان من وسائل تحقيق هذا الهدف أن حشدت في كتائبها الإعلامية: المتردية والنطيحة من اتجاهات سياسية شتى: أدعياء يسار وتوجه قومي على دعاة تدين وتصوف، وحوثة.. وشلة سياسيين  وناشطين وناشطات يمارسون السياسة والعمل العام بمنطق المجاذيب شبه المخلوسين من العقل والمنطق الذين كانوا يجولون في الأسواق والقرى بحثا عن صدقة ولقمة! وقد اعتمد العفاشيون في مهمة تجنيد هؤلاء على تجربتهم الناجحة في جمع الثعابين، والحنشان، والحيات، والجن والعفاريت، واستغلال نفسياتهم المريضة، وأوهامهم في البحث عن الشهرة والظهور الإعلامي.. والأكثر أهمية هو كراهيتهم العمياء للإصلاح خاصة والإسلاميين عموما.. ولذك وجدنا حربهم الإعلامية يشارك فيها دعاة علمانية متطرفون بجوار دعاة دولة دينية مذهبيون.. على دعاة حداثة وتنوير، ومخرفين صوفية، ودولة مدنية وأبواق الحكم الأسري السابق!

       ومن سوء حظ بقايا نظام المخلوع علي صالح (ومن حسن حظنا) أنهم يريدون تكرار الخطة الإعلامية المصرية ؛التي مهدت للانقلاب العسكري؛ ولكن بتلك النماذج التي تمارس وظيفتها القذرة  بمنتهى الضحالة والجنان، ولا يعرفون حتى كيف يكذبون بطريقة مهنية.. إذ كما أن حتى الجنان يحتاج إلى عقل؛ فكذلك الكذب والتلفيق يحتاج إلى شيء من الصدق حتى يمكن تمريره ولو مؤقتا؛ على طريقة هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي) الشهيرة التي كان يقال  أيام زمان إن نجاحها في مهمتها يعتمد على خلط تسعة أعشار من المعلومات الصحيحة مع جزء واحد من الكذب المطلوب تمريره!

     ولأن الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده؛ فأعداد الوسائل الإعلامية العفاشية – اعتمادا على أن الأموال المنهوبة تعرض نفسها للباحثين عنها-  زادت حتى صارت تتنافس على نشر المغالطات والأكاذيب بطريقة انقلبت على أصحابها، ويزيد أمرها سوءا نسيانهم لقاعدة: الغرض مرض.. فلأن غرضهم هو إرضاء الممول بأي أسلوب فقد كان طبيعيا أن يتجاوزا الأسلوب البريطاني العتيد في صناعة الأخبار وتألفيها، ويجعلوا أخبارهم خالية من شيء قليل من الصدق يعين العامة على بلعها، وبعضهم يتورط في تأليف أخبار يمكن بسهولة نفيها وبيان كذبها.. وكما هو ملحوظ خلال الفترة الأخيرة فقد وصل التنافس المحموم بين هذه الوسائل إلى نشر أخبار الجرائم والاعتداءات قبل أن تقع مما يمكن أن نسميه: نشرة أخبار طقس.. المؤامرات المتوقعة!

 [2]

         ولأن بقايا نظام المخلوع علي صالح ينافحون إعلاميا (فقط) للظهور بمظهر الوحدويين الخائفين على الوحدة؛ فمن المناسب أن نرى كيف يجسدون ذلك في إعلامهم من خلال تعاملهم مع ما يحدث في المحافظات الجنوبية، وأفعال الحراك الانفصالي ورموزهم خلال الفترة الماضية القريبة!

        آخر هذه الحماسيات الوحدوية لإعلام المخلوع ترويجهم الجمعة الماضية لتصريح منسوب لرئيس الوزراء السابق/ حيدر العطاس عما قال الخبر إنه يهاجم فيه أبناء الشمال (!) بسبب سكوتهم ورضاهم عن أعمال قمع تقوم بها سلطتهم في عدن والجنوب (رئيسا الجمهورية والحكومة، ونصف الوزراء والقادة العسكريين والأمنيين، وكل محافظي الجنوب وأبرز مسؤولية.. جنوبيون!) ضد الجنوبيين.. مع تهديدهم بأنهم سيجنون ثمار هذه العداوة في المستقبل.. إلخ التصريح الذي نفى العطاس صحة نسبته إليه، وواصفا إياه بأنه مدسوس ومن صنع دوائر التسلط والفساد!

 

      أعترف أن قراءة التصريح في المرة الأولى استفزني نوعا ما، وكنت قد بدأت التفكير في إعداد رد عليه.. لكن فجاجة بعض المعاني فيه وخاصة عنوانه: العطاس يهاجم الشماليين! وملاحظتي أن وسائل إعلام المخلوع هي التي روجت للخبر واهتمت به! وأن العطاس لم يشارك في اجتماع بيروت الذي جمع الثلاثي المرح (البيض وباعوم وعلي ناصر.. لا أدري لماذا يوصفون إعلاميا بأنهم قادة جنوبيون.. فالأدق وصفهم بأنهم: سياح جنوبيون!)، وكذلك بعض التصريحات الأخيرة للعطاس التي تختلف إلى حد ما عما يروج له دعاة الانفصال ي الخارج.. كل ذلك جعلني أحاول التأكد من صحة التصريح المنسوب للعطاس حتى وجدت صباح السبت نفيا له؛ مما أكد التوجه المؤتمري للإسهام في تعميق الهوة والدفع بالمشاعر نحو هاوية الانفصال!

      كان هذا أنموذجا صارخا لأحد اتجاهات الحرب الإعلامية العشوائية لبقايا نظام المخلوع التي تضرب في كل مكان وفي كل اتجاه؛ في سبيل تدمير البلاد وإسقاطها في مستنقع الانفصال وتفكيكها؛ في الوقت نفسه الذي يتظاهرون فيه بأنهم حريصون على الوحدة حتى أنهم رفضوا التوقيع على مخرجات حل القضية الجنوبية والحوار الوطني إلا بعد أن حصلوا على ضمانات بالحفاظ على الوحدة.. أو كما كذبوا!

       هذا المثال ينبغي أن يجعل الحريصين على وحدة البلاد (حتى داخل المؤتمر)  يسألون أنفسهم: هل هذا صنيع من يخاف على الوحدة والعلاقات الشعبية بين أبناء الوطن أم هو صنيع مجرمين في حق وطن يتآمرون عليه بأحط الأساليب التي تهدف ليس لتحقيق مكاسب سياسية ولكن لتدمير كل شيء، وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.. تماما كما يفعل عتاة الانفصاليين ووسائل إعلامهم في الداخل والخارج!

       ألا يفرض هذا المثال على البعض أن يقارن بينه وبين إحدى أبرز ثمار الثورة الشعبية ضد صالح؛ ونقصد بها التفاف جزء مهم من اليمنيين في جنوب الوطن أثناء مجريات الثورة حول الوحدة وإعلان الإيمان بها، والتمسك بها وخاصة بعد خلع صالح؟

       سنتغاضى عن حقيقة الكراهية العميقة التي يحملها الناس في الجنوب ضد صالح وعائلته؛ لنسأل: ماذا سيكون رد فعل المواطنين في جنوب الوطن عندما يقرأون خبر وسائل إعلام المخلوع صالح المفبرك؟ هل سيكون مثلا بمستوى رد فعلهم عندما كانوا يسمعون أن إخوانهم في القبائل المجاورة لصنعاء التي تصدت لقوات صالح التي كانت متجهة إلى حضرموت فمنعتها من المرور لكيلا تنكل بالثوار هناك؟

    هل عرفنا الدور القبيح الذي يقوم به إعلام المخلوع لتأجيج الفتنة والعداوات بين أبناء الوطن الواحد؟ وهل عرفت شلة (الموت للإسلاميين) التي تعمل في وسائل إعلامه حقيقة أنهم يشاركون في حربه ضد الوحدة والجنوب والجنوبيين وهم لا يعلمون.. أو وهم يعلمون ولكن صاروا صما عميا بكما؟

   [ من نوعية هذا الدور القبيح في تأجيج العداوة بين أبناء الوطن الواحد؛ ما يردده الآن بعض رموز الحوثة في الإعلام لأكذوبة الفتوى الإصلاحية التي تكفر الجنوب والجنوبيين أثناء حرب 1994.. ولأن هذه الفتوى أكذوبة يكفيها سوءا أن إعلام المخلوع صالح صار يعدها من ثوابته، ويرددها مرتزقته.. ولأن الحوثة فتحوا بذلك على أنفسهم بابا من فضائحهم المذهبية التكفيرية التاريخية والمعاصرة.. فإننا سوف نخصص بوصفنا جنوبيين في القريب العاجل مقالات خاصة لاستعراض وقائع تكفير الحوثيين القدامى والجدد للجنوب والجنوبيين، وإساءاتهم واحتقارهم لمذهبهم العقائدي السني ومذهبهم الشافعي بأقلامهم ومن كتبهم وصحفهم.. فالمخلوع والحوثة إيد واحدة في التحريض.. فكونوا معنا بإذن الله تعالى!]

 

[3]

      خلال الأسابيع الماضية؛ منذ الهبة الحضرمية ؛وصولا إلى الأحداث الأخيرة في عدن وغيرها من محافظات جنوب الوطن؛  يمكن بسهولة – بسبب مجهالة العاملين في إعلام المخلوع- ملاحظة الدعم المعنوي، والحماس المتهور لإعلام المخلوع في الترويج لنجاح الفعاليات المؤيدة للانفصال التي ينظمها دعاة الانفصال الذي يزعم المخلوع أنه ضده؛ حتى بلغ الأمر تأليف أخبار كاذبة كانت مثار سخرية اليمنيين! فلم يعد الأمر سرا بحمد الله تعالى..  فقد تكفل الأداء المهني الغبي في فضح حقيقة التوجه العفاشي ضد الوحدة..  تماما كما فضح حقيقة علاقتهم بجرائم المسلحين المنسوبين للقاعدة من خلال قدرتهم الغريبة على الوجود الفوري بكاميراتهم في أماكن عملياتهم وتفجيراتهم ثم نشر الأخبار الفورية عنها.. وأحيانا يبشرون بها قبل أن تحدث! ومن خلال سرعة تبرئتهم للقاعدة بتوجيه الاتهام للإصلاح وعلي محسن بأنهم وراء تلك العمليات! 

     أما دعمهم للحوثيين فحدثوا عنه ولا حرج خلال أحداث كتاف ودماج وحاشد وعمران وحجة!

    ولاحظوا مثلا كيف يبررون  أفعال الفوضى في الجنوب بأنها نتيجة لعدم إعادة الحقوق المنهوبة (أتباع صالح هم الذين يقولون ذلك!) تماما كما يبررون انضمام المشائخ المؤتمريين للقتال مع الحوثة بأنه نتيجة طبيعية لإقصائهم من قبل الإصلاحيين!

      سبحان الله.. هم المتهمون الرئيسيون لدى دعاة الانفصال والوحدة في الجنوب على حد سواء؛ بأنهم عملوا على تخريب الوحدة، ونهب الثروات ثم اليوم يتظاهرون بالغيرة على حقوق الجنوب والجنوبيين!

     وهم الذين أقصوا من ليس معهم في الحظيرة المؤتمرية من كل الأحزاب؛ ومع ذلك فلم يفكر إصلاحي أن ينضم للحوثيين ويقاتل معهم أو يدعمهم ضد سلطة المخلوع التي أقصتهم! بل كانوا ممن تشردوا من بيوتهم وقراهم كما تشرد غيرهم.. ويعيشون نازحين عنها مشردين كعشرات الآلاف من أبناء صعدة، والحوثيون يعدونهم عدوهم الأول.. الفارق بينهم وبين المؤتمريين الذين انضموا للحوثة أن الإصلاحيين وغيرهم ليسوا مرتزقة وانتهازيين يبيعون مبادئهم للحوثي من أجل منصب.. ولم يجدوا مخلوعا بدرجة زعيم وأبنائه يدفعونهم للانضمام مسلحين للقتال مع الحوثة بحجة أنهم أقصوا! 

       وفي كل مكان سنجد تحالفا وتفهما بين المخلوع والحوثيين والانفصاليين ؛ومعهم القاعديين؛ يعملون كلهم لهدف واحد وإن تعددت الأهداف النهائية.. لكن القلوب عند بعضها.. والمخططات تتعاضد، وشعارهم في هذا: عدو عدوي.. صديقي!

 

نقلا عن صحيفة الناس

 

أضف تعليق