سُرق جواله وأصيب بتسمم وهُدد بالإغتيال.. “بن عمر” الفتى المغربي الذي صارع ثعابين صالح

عامر الدميني*

ارتبط اسم المبعوث الاممي جمال بن عمر بالثورة اليمنية التي اندلعت في فبراير 2011م ارتباطاً وثيقاً، رافق محطاتها ومنعطفاتها منذ وقت مبكر، وأصبح بعد ثلاث سنوات من عمله كمبعوث للامم المتحدة لليمن يمثل واحدا من أهم الشخصيات التي اثرت في المشهد اليمني، ورسمت معالم صورته المستقبلية.

نجح بن عمر فيما لم ينجح فيه نظرائه الاممين المبتعثين في الدول التي تعيش اوضاعا مشابهه لليمن، وتمكن من سد منافذ العنف التي كانت على وشك الإنفجار، وأستطاع بتدرج متصل إنجاح المبادرة الخليجية بما احتوته من بنود ومراحل حتى نقطة النهاية.

الوضع قبل بن عمر

بعد الزلزال الذي احدثته مجزرة جمعة الكرامة في الثامن عشر من مارس 2011م، دخلت الثورة الشعبية في اليمن مرحلة جديدة اتسمت بفوران الإحتجاج الشعبي، ونضوج العمل السياسي، اللذان انطلقا من لهيب الثورة الشعبية، واندمجا معاً، ليشكلان أداة ضغط قوية، استطاعت بعد حصولها على سند عسكري، من مواجهة نظام صالح، والوقوف امامه في ندية واثقة، مطالبة بتخليه عن السلطة، و رحيل نظامه، الذي تورط في ارتكاب جرائم قتل بشعة، بحق المتظاهرين الذين خرجوا يهتفون بسقوطه.

حينها كانت المبادرة الخليجية قد طُرحت كمشروع لحل الوضع في اليمن، وحظيت منذ اعلانها بدعم ومساندة دول الإتح

السيد جمال بن عمر

السيد جمال بن عمر

اد الأوروبي وامريكا، ورأى الجميع ان رحيل صالح عن السلطة بات امراً وارداً، ويتبقى فقط وضع الصيغ المناسبة لآلية واضحة، تحدد عملية نقل السلطة في اليمن، و الإجراءات التي ستسير بها، بما يجنب البلد شبح الحرب الأهلية، ومغبة الصراع والاقتتال الداخلي.

وبعد طرح المبادرة الخليجية ودخول الاطراف الدولية في نقاش حولها، تولى مجلس التعاون الخليجي عن طريق رئيس المجلس عبداللطيف الزياني مسؤولية المحادثات مع الاطراف المعنية في اليمن حول المبادرة، ثم دخلت الامم المتحدة على خط النقاش.

قصة الترشيح

بدأت القصة حين ارسلت الامم المتحدة في ابريل 2011م لجنة لتقصي الحقائق حول المجازر الدموية التي تعرض لها الشباب المحتجون في اليمن، والتي باشرت عملها بالتواصل مع مختلف الاطراف، وتعززت تلك اللجنة ببعثة أممية أخرى، ففي السادس من مايو 2011م كلف الامين العام للامم المتحدة فكتور بولي كوف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة على رأس بعثة الأمم المتحدة للاطلاع على الأوضاع في اليمن، وهي اللجنة التي إلتقت بشخصيات في الثورة، واخرى من النظام السابق، ورفعت تقريرها ناصحة بضرورة التدخل السريع لإنقاذ من اليمن من المخاطر التي تتهددها على الصعيدين السياسي و الإنساني.

وفي منتصف يونيو 2011م وصلت الى اليمن بعثة جديدة من الامم المتحدة لتقصي الحقائق حول الاوضاع في اليمن برئاسة بن عمر، وزارت المستشفى الميداني لساحة التغيير بصنعاء، ثم سافرت الى محافظة عدن، وضمن برنامج زيارتها التقت اللجنة بشخصيات سياسية ومدنية وعسكرية من كلا الطرفين آنذاك المعارضة ونظام صالح، وكانت النتيجة تقرير قدمته اللجنة لمجلس الامن، الذي طالب بسرعة اجراء حل شامل للوضع الامني في اليمن، بما في ذلك سرعة تخلي صالح عن السلطة، والبدء في تنفيذ المبادرة الخليجية.

و منذ منتصف العام 2011م حتى مطلع العام 2012م عمل بن عمر في اليمن كمبعوث شخصي  للأمين العام للأمم المتحدة، بعد تكليفه بهذه المهمة التي تمحورت حول التنسيق مع مختلف الاطراف في اليمن وحثها على توقيع المبادرة الخليجية، بالتزامن مع الجهود المبذولة من قبل مجلس التعاون الخليجي، وفي 29 مارس 2012م تم تكليفه من قبل مجلس الأمن مع فريق من الخبراء للإشراف على الحوار الوطني باليمن، وفي الثاني من اغسطس 2012م  تم تعيين جمال بن عمر مستشارا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة لشئون اليمن من دون تاريخ انتهاء الصلاحية، وبالتالي فقد زار بن عمر اليمن خلال العام 2011م (4) زيارات، وفي العام 2012م (15) زيارة، وفي العام 2013م (8) زيارات، ووصل عددها مع مطلع هذا العام الى (27) زيارة، تركزت جميعها في العاصمة صنعاء، ماعدا خمس محافظات زارها بفترات متقطعة، منها واحدة الى مدينة عدن، واثنتان إلى صعدة، وواحدة إلى الحديدة.

نجاح بن عمر

تأتي مهمة بن عمر في إطار المساعي الحميدة للأمين العام للأمم المتحدة، والفصل 99 من ميثاق الأمم المتحدة، واستجابة لآخر بيان صدر عن مجلس الأمن بعد زيارته الثالثة إلى صنعاء في العام 2011م، و جاء تكليفه في وقت كادت البلاد ان تتجه نحو حرب أهلية مدمرة، وتزامن ذلك مع رغبة دولية مجمع عليها في ضرورة الانتقال السلمي للحكم في اليمن، ولذلك عمل بن عمر في اليمن بالتزامن مع ضغوط خليجية و اوروبية وأمريكية واممية على نظام صالح، للتخلي عن السلطة، وهذا الامر مكنه كثيرا في نجاح مهمته، حيث شكلت الضغوطات والتحركات السياسية الموازية لمهمته من قبل الدول الراعية للمبادرة رافداً مساعداً منحه قوة صلبة للتحاور، وموقعاً قوياً للتفاوض، ومكنه من تمرير مبادرته على مختلف الأطراف، رغم ما كان يتمسك به كل طرف، فعلى سبيل المثال فشل القربي بإلتقاء أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون بعد رفض وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري مقابلته احتجاجا على قمع المحتجين ورفض صالح توقيع مبادرة الخليج.

ولعب بن عمر على ما يسمى السياسة الواقعية، من خلال استغلال وتوظيف الاوضاع القائمة ميدانيا، وتخويف مختلف الأطراف الاخرى من المصير الذي ينتظر اليمن، إذا لم تستجب للمطالب الدولية في توقيع المبادرة الخليجية، وهو ما سار عليه حين كان يحذر باستمرار من تدهور وضع اليمن الامني والاقتصادي، والمصير الذي ينتظر اليمنيين في حال كان الإحتراب الداخلي هو النتيجة لانسداد عملية الحوار، الامر الذي فرض على مختلف الاطراف سرعة الاستجابة للآلية التي كان يطرحها ويسوقها بمختلف التعديلات التي شابتها.

وفي نفس الوقت غازل بن عمر الشباب في الساحات، كمكون شعبي حيوي، وعمل على تطمينهم بأن المبادرات الاممية والخليجية المتكررة، تأتي لصالحهم وتخدم الثورة التي فجروها، و سعى للتنسيق واجراء المشاورات مع كافة الاطراف المعنية في السلطة والمعارضة انذاك، إضافة الى الشخصيات السياسية والشبابية والعسكرية والقبلية المؤثرة للتعرف على وجهاة نظرها في المرحلة الانتقالية، واستغرقت بعض زياراته لليمن اكثر من عشرة ايام. كما حرص على تنظيم مؤتمرات صحافية عقب كل زيارة، ليعلن فيها نتائج مشاوراته التي اجراها، فقد قال في ختام رابع زيارة له الى اليمن في مؤتمر صحفي: “مطالب الشباب المتعلقة بالتغيير مشروعة” و «اليمن يعاني من انهيار الدولة وهناك مناطق باعتراف الدولة خارجة عن السيطرة وهذا وضع خطير».

مزايا شخصية

ما يميز بن عمر انه مواطن ينتمي لذات الطبقة الشعبية التي ينتمي اليها عموم اليمنيين، فقد ولد ونشأ في الريف، وعانى مثلما يعاني ابناء الطبقة الريفية المسحوقة من قسوة الانظمة الاستبدادية ووطأتها، حين تعرض للاعتقال، وهو تلميذ بإحدى ثانويات مدينة تطوان في العام 1976، خلال ما سمي في المغرب بسنوات الرصاص، واتهم ورفاقه بتعاطفهم مع يسار السبعينيات، و ذاقوا لأجل ذلك شتى أنواع التعذيب، ونقلت مجلة “تال كال أونالين” أن الدبلوماسي المغربي تلقى مساعدة ووساطة خلال سنوات محنته بالمغرب من مجموعة من الأكاديميين الفرنسيين بينهم أندريه أدم الذي توسط له لدى الملك الراحل الحسن الثاني بحكم أنه كان أستاذه ونجح في إقناعه بالإفراج عنه.

وقد نشط جمال بن عمر بعد مغادرته المغرب في مجال حقوق الإنسان، حيث اشتغل في لندن ضمن طاقم “أمنستي إنترناشيونال”وترقى بها، وعندما زار الملك الراحل الحسن الثاني لندن عام 1986، كان جمال وراء فكرة الاحتجاج الذي نظمته “أمنستي”، ما جعل بعض الصحف المغربية تشن عليه هجوما لاذعا ووصفته إحداها بأنه “أخطر” معارضي نظام الحسن الثاني.

هذا العوامل ربما كان لها تأثير نفسي على شخصية الرجل، انعكست على حماسه في تبني المبادرة الخليجية وإخلاصه لها رغم ما تعرض له من حملات اعلامية مسعورة من قبل النظام السابق.

يقول من يعرفه إنه يدرس القضايا التي يشتغل عليها بتريث كبير، وأنه يجيد الاستماع، وبفضل ذلك نجح في كل المهام الموكولة إليه، و تقول احدى الصحف المغربية عن بن عمر أنه حين وصل لليمن التقى بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، و الذي حاول رشوته ليطيل عمر نظامه، لكن الأكيد أنه بعد وصوله لليمن بدأ العد العكسي لرحيل الرجل الذي حكم “اليمن السعيد” بالولاء للقبيلة والنار والتفرقة، وفقا لما نقلته الصحافة المغربية التي صورته بأنه أصبح في اليمن كآية الله علي خامنئي.

مهمة صراع الثعابين

دخل بن عمر في صراع متأجج مع صالح وثعابينه المسمومة منذ اول لحظة، ومن خلال الرجوع الى زياراته لليمن طوال الثلاثة الاعوام الماضية، تتضح طبيعة المسؤولية التي اضطلع بها، وكيف تطورت من عام لآخر، ولآن اليمن تعودت في الأزمات السياسية العاصفة التي تمر بها طوال تأريخها على وجود وسيط عربي او اممي يلملم شتات الساسة المفترقين، فقد بدت مسؤولية بن عمر ضرورية و عصيبة، وتحتاج لسعة صدر وحكمة وحنكة.

ففي العام 2011م تركزت مهمة بن عمر على تهيئة الاطراف للقبول بالمبادرة الخليجية والتوقيع عليها، وخاض في سبيل ذلك مشاورات طويلة لتقريب وجهات النظر، واجراء المقاربة بما يتسق وطبيعة المرحلة، حتى تم التوقيع عمليا على المبادرة في الثالث والعشرين من فبراير 2011م بالعاصمة السعودية الرياض، وكانت مهمته تلك دبلوماسية بإمتياز.

اما في العام 2012م فقد اختلف الامر كليا، حيث دخلت اليمن مرحلة جديدة بعد تشكيل حكومة الوفاق، وبالتالي فقد هيمنت قضايا كثيرة على جدول بن عمر، وكان لزاما عليه مواصلة مهمة ابتعاثه لضمان نجاح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، خاصة التمهيد لاجراء الانتخابات الرئاسية التوافقية.

ولأن المسار الثوري في العام 2012م اختلف كليا عن العام الذي سبقه، فقد بدت مسؤولية بن عمر كبيرة، لكنها تحولت لتصبح مساندة لنظام هادي الذي اتخذ جملة قرارات في السلكين العسكري والمدني، وكان لها تأثير كبير على وضع عائلة صالح الوظيفي، وهو ما دفعها مؤخرا الى تنظيم حملات اعلامية ضده واتهامه بجر اليمن نحو الفوضى وتنفيذ مؤامرة دولية تستهدف امن البلاد ووحدته واستقراره.

وكان ابرز المهام التي تولاها خلال العام 2012م هي الحفاظ على المكاسب الحقيقية التي تحققت من المبادرة الخليجية، ومراقبة الاطراف التي تعرقل العملية السياسية، وبذل جهود اوسع للدفع بعملية الانتقال السلمي للسلطة نحو خطوات أكثر فاعلية، انطلاقا من الآلية التنفيذية للمبادرة نفسها، والتي حددت طبيعة مهام كل مرحلة، و لم تتوقف المباحثات عند الأطراف المعنية داخل اليمن، بل تعدت مباحثاته لتشمل قوى الحراك الجنوبي خارج البلاد، والمسؤولين الاممين في الادارة الامريكية، وغيرها من الحكومات المهتمة بالملف اليمني، ولذلك كانت مهمته في العام 2012م خليطا من الدبلوماسية والوسيط السياسي.

اما في العام 2013م فقد كان العام الأكثر خطورة، إذ ان مقياس نجاح المبادرة الخليجية ومدى تقبل مختلف الاطراف لها بفعل الجهود التي بذلت طوال العامين السابقين (2011-2012) من قبل بن عمر، كان مرهون بمدى نجاح مؤتمر الحوار الذي انطلقت فعالياته مطلع العام 2013م، فكان لزاما عليه بذل جهودا أكبر لانجاح مؤتمر الحوار الذي سبقته تعثرات وعراقيل كادت ان تجعل اقامته غير ممكنة.

ومع انطلاق اعمال المؤتمر الوطني للحوار جمعت مهمة بن عمر بين ثلاث صفات تلازمت مع بعض في وقت واحد، وهي الدبلوماسية كسفير أممي، والثانية وسيطاً سياسياً موفقاً بين مختلف الأطراف، والثالثة مستشاراً مرجعياً وصاحب مبادرات من خلال المقترحات التي تقدم بها في كثير من القضايا الشائكة والمثيرة للجدل داخل مؤتمر الحوار الوطني منذ الترتيبات الأولى وحتى لحظة انطلاقه.

وفي كل مرحلة من تلك المراحل خلال الثلاثة الاعوام الماضية، كان واضحا التغير في اسلوب طرحه وتصريحاته الصحفية من عام لآخر، فقد بدا خلال العام 2011م حريصا على تحقيق التوافق، وكانت لهجته تخاطب مختلف الاطراف وتتوعد المعرقلين باجراءات اممية رادعة، اما في العام 2012م وبعد اجراء الانتخابات الرئاسية واتخاذ جملة قرارات في الجانب العسكري، فقد اختلفت لهجته، وصعد من تهديداته الموجهة بشكل صريح لنظام صالح، الذي اتهمه اكثر من مرة بعرقلة مسار التسوية السياسية، حتى وصل الأمر إلى إطلاقه تصريحات جعلته يبدو وكأنه صاحب القرار الاول في اليمن، حين استبق أكثر من مرة التلميح بوجود قرارات رئاسية ستصدر، اما في العام 2013م ومع انتهاء مؤتمر الحوار الوطني فقد عكست تصريحاته وجود ثقة كبيرة بات يتمتع بها بعد الجهود التي بذلها سابقاً والنجاح الذي تحقق في صعيد تنفيذ المبادرة، خاصة مع حزمة الحلول والمقترحات التي تقدم بها في مؤتمر الحوار لمعالجة القضية الجنوبية وشكل الدولة وغيرها.

حلقة وصل

مع تردده الطويل على اليمن اصبح بن عمر مثار تساؤل عن سر نجاحه وتمكنه من إلجام نظام صالح، وإلزامه بتنفيذ المبادرة، وفي نفس الوقت قدرته على لم شتات مختلف الأطراف وتحوله الى مرجع تلتقي عنده كل تلك الأطراف.

ذلك يعود الى عدة عوامل ومبررات، ففي المقام الأول لعبت شخصيته المحنكة، ومسيرته الدبلوماسية، وتجربته السياسية في الامم المتحدة، واخلاصه الدؤوب في تحمل مشقات وتبعات مهمته، دوراً كبيراً في نجاحه، والامر الثاني يتمثل في استناده الى دعم اممي وخليجي غير مسبوق في سبيل انجاح مهمته، أما ثالثاً فيعود غلى إلمامه بطبيعة كل الشخصيات اليمنية التي قابلها، ونقاط القوة والضعف التي تتصف بها، فصالح كان يستخدم معه اسلوب التلويح بإسقاط الحصانة عنه، وتقديمه للمحاكمة مع اقاربة، واسترداد الأموال التي نهبوها، وهذا التهديد كان كفيلاً بإذعان صالح للأمر الواقع، اما أحزاب المشترك وبقية الأطراف الأخرى، فكانت تتخوف من اتهامها بعرقلة مسار التسوية وعملية انتقال السلطة.

والأمر الآخر هو طريقة الاداء التي ظهر بها اثناء فترة عمله، فقد كان يجري مباحثاته مع مختلف الشخصيات والأطراف التي يعتبرها مؤثرة في المشهد السياسي، ثم يذهب الى مجلس الأمن ليعرض نتائج مباحثاته، ويطلع اعضاء المجلس عليها، لاتخاذ موقف حيالها، و هذا التواصل الدائري منحه ثقة الاطراف داخل اليمن، وثقة مجلس الامن والأطراف الراعية للمبادرة الخليجية.

معاناة في اليمن

على الرغم من تأكيده المستمر بأن الحل في اليمن لا بد ان يكون يمنياً، وأن عمله لا يتعدى كونه مراقباً اممياً، فقد تعرض بن عمر لحملات اعلامية استهدفته، وانتقدت اداءه، خاصة من الاطراف المؤتمرية القابعة تحت جناح الرئيس السابق، والتي ترى أن النجاح الذي أحرزه بن عمر دفعه الى تجاوز مسؤولياته، والتدخل في شؤون ليست من اختصاصه، وهذا الشعور من حزب المؤتمر ينبع من احساسهم أن الرجل مسؤولاً عن تفكيك الجيش الذي كان لايزال يدين بالولاء لأسرة صالح، التي فقدت كثير من مراكز القوة بسبب قرارات الهيكلة التي استهدفت الجيش، ودفعت بالقيادات التابعة لصالح خارج اسوار المؤسسة العسكرية، ولأجل ذلك نشطت الآلة الإعلامية التابعة لصالح في بث الشائعات حوله، وانتقاده بصورة غير لائقة، وتنظيم وتسويق حملات اعلامية تدعو لترحيله من اليمن.

وخلال فترة وجوده باليمن اصيب بن عمر بما يصاب به اليمنانيون من  أدواء وأمراض جسدية ومادية، فقد أصيب بحالة تسمم غذائي أدخل بسببها المستشفى، و سُرق جواله الشخصي، والأدهى من ذلك تعرض موكبه للاعتداء، ولاحقاً ذيوع أخبار تؤكد ان الرجل موضوع في قائمة الإغتيالات، وأن هناك مخاوف من تعرضه للاغتيال، كما اخبرت السفارة المغربية بصنعاء وسائل الإعلام في بيان صحفي لها بهذا الشأن،  وقال موقع الخبر حينها نقلا عن مصادره ان بن عمر حصل على تسجيل صوتي للرئيس السابق علي عبدالله صالح أظهر من خلاله اتفاقه مع قيادات محددة في حزب المؤتمر على قتله، و أن بن عمر سلّم التسجيل للأمم المتحدة.

بن عمر اصبح عنوانا بارزا للصحافة اليمنية بمختلف اتجاهاتها، وتم تكريمه من قبل صحيفة يمن تايمز المنشورة باللغة الإنجليزية كأهم شخصية مؤثرة في اليمن خلال العام 2011م.

و اذا تفرغ بن عمر لكتابة مذكراته عن ابتعاثه في اليمن، فسيكون وحده من يمتلك اسرار عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، فمباحثاته ولقاءته المستمرة طوال فترة عمله في اليمن ستجعله قادرا على فهم نفسيات ودوافع مختلف الاطراف والشخصيات، ومعرفة مفاتيحها وطباعها والمخاوف التي سرت و تسري في ارواحها، فلم يكن الرجل يحمل عصاً سحرية، او وصفات علاجية جاهزة، أو ما شابه ذلك، ولكنه إستطاع توظيف العديد من الأسباب والحيثيات لإنجاح مهمته، التي أوصلته الى مكانة مرموقة داخل اليمن، وعلى المستوى العربي، وفي مؤسسات الأمم المتحدة، كدبلوماسي ناجح، ومفاوض خبير، وسيؤهله ذلك لتولي مناصب قيادية أرفع داخل المؤسسة الأممية.

وبمثل ما كان للزمن تأثيره في تحولات بن عمر الشخصية، فقد كان لبن عمر دوره في تقلبات ومسارات الثورة اليمنية، فذلك الفتى المغربي الذي جعل اليمن السعيد “سعيداً” كما تصفه احدى المجلات الفرنسية، بات اليوم واحداً من اهم الشخصيات المؤثرة في اليمن، وداخل اروقة الامم المتحدة، و لاتزال الحاجة إليه قائمة في اليمن ما دامت ذات الاطراف قائمة وذات المبادرة موجودة.

*نشرت المادة في صحيفة الناس الاسبوعية.

أضف تعليق